کد مطلب:240946
شنبه 1 فروردين 1394
آمار بازدید:191
التودد إلی الناس نصف العقل
روی الحسن بن علی بن الحسین بن شعبة الحرانی [1] من كلمات الرضا علیه السلام الحكمیة:
«التودد إلی الناس نصف العقل» [2] .
و قد عد التودد إلی الناس و التحبب إلیهم فی بعض أحادیث أهل البیت علیهم السلام من رأس العقل ففی نبوی: «رأس العقل بعد الدین التودد إلی الناس، و اصطناع الخیر إلی كل بر و فاجر» [3] .
و آخر: «رأس العقل بعد الإیمان بالله التحبب إلی الناس»، [4] و عن الحسن بن علی علیهماالسلام قال: «لا أدب لمن لاعقل له، و لامروءة لمن لاهمة له، و لاحیاء لمن لادین له، و رأس العقل معاشرة الناس بالجمیل، و بالعقل تدرك الداران جمیعا، و من حرم من العقل حرمهما جمیعا» [5] .
للعاقل مجال واسع للتفكر النافع لدینه و دنیاه و عقباه.
قوله صلی الله علیه و آله: «و بالعقل تدرك الداران جمیعا» أی الدنیا و الآخرة تدركان بالسیر علی ضوء العقل. قال الشاعر:
ما أحسن الدین و الدنیا إذا اجتمعا
و أقبح الكفر و الإفلاس بالرجل [6] .
و لنعد إلی التودد إلی الناس و التحبب إلیهم و معاشرتهم بالجمیل كما فی الحدیث الأخیر كیف صار نصف العقل.
و هذا علی حد تعبیر المثل السائر: «لا أدری؛ نصف العلم»، [7] و لفظ أجلی
[ صفحه 217]
النبوی: «من تزوج أحرز نصف دینه». [8] و قال الكلینی (و فی حدیث آخر) فلیتق الله فی النصف الآخر، أو الباقی. [9] بمعنی أن التزویج قسم و بقیة الواجبات قسم ثان من الدین إذا قسم إلی اثنین.
و الكلام مصوغ للتأكید و بیان الاهتمام بذلك و كذلك التودد إلی الناس لأهمیته جعل كأنه نصف العقل و أن المتودد إلیهم قد أحرز نصفا منه بتودده و النصف الآخر إنما هو بمتابعته له فی سائر الأمور الدینیة و الدنیویة الأخری و لیس هنا تقسیم العقل إلی نصفین متساویین أدرك النصف منهما بالتودد الی الناس و الآخر بغیره من الأمور بل كما عرفت أن الكلام كنایة عن الاهتمام البالغ بشأن المعاشرة الجمیلة مع الناس [10] .
و یشهد له الحدیث الصادقی: «تواصلوا و تباروا و تراحموا، كونوا إخوة بررة كما أمر كم الله عزوجل» [11] إذا كانوا مؤمنین أو أعم لآیة «و قولوا للناس حسنا» [12] .
[ صفحه 220]
[1] من علماء القرن الرابع.
[2] تحف العقول 443، البحار 335:78.
[3] البحار 401:74.
[4] البحار 131:1.
[5] البحار 111:78.
[6] جامع الشواهد 1:3، لأبي دلامة و اسمه زيد بن الجون.
[7] أمثال و حكم 1340:3.
[8] الوسائل 5:14.
[9] المصدر.
[10] و يحتمل قوله عليه السلام: «نصف العقل» محركة النون و الصاد من الإنصاف أي نصفة العقل و إنصافه: التودد إلي الناس و تقابله الجفوة لهم، فتدبر جيدا.
[11] «إنما المؤمنون إخوة» الحجرات: 10، البحار 401:74.
[12] البقرة: 83.